الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله خاتم الانبياء والمرسلين.
و بعد .
لقد كان في غزوة أحد الدروس و العبر الكثيرة , فقد تعلم فيها المسلمون أن طاعة رسول الله صلى الله عليه و سلم فيها الفوز و النجاة و أن ما عند الله خير و أبقى من متاع هذه الدنيا الزائلة الفانية .
و بعد أن هُزم مشركو قريش يوم بدر عادوا أدراجهم , يتحينون الفرص للثأر من النبي الأعظم صلى الله عليه و سلم و من معه من المسلمين , الذين نصرهم الله في بدر بجند من الملائكة الكرام الأطهار , فاجتمعت زعماء قريش و من وافقهم في كفرهم و تكذيبهم للدين الحق , من كنانة و تهامة , و خرجت النساء على الهوادج يحرضن أعداء الدين على حرب النبي الأكرم صلى الله عليه و سلم , فنزلوا ببطن الوادي قُبُلَ أُحد , ففرح بعض المسلمين الذين لم يشهدوا بدرا , إذ الأوان قد ءان لنيل شرف الجهاد و قد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم :" لا يدخل النار من شهد بدرا و الحديبة ".
و لما علم بنزول المشركين قرب أحد شاور أصحابه , فأشار عليه أحد المسلمين أن يخرج لقتال المشركين , فخرج عليه الصلاة و السلام بألف مقاتل يريدون الفوز بالجنة التي أعدها الله لعباده المسلمين , و يسألونه أن ينجيهم من نار جهنم , تلك النار العظيمة التي توعد بها الكافرين .
و قد شاء الله يفضح المنا فقيل حين انحرف رأس المنافقين عبد الله بن
أبَي بن سلوس بثلث المقاتلين . و لما بدأت المعركة أمر النبي صلى الله عليه و سلم الرماة بإمارة عبد الله بن الجبير , و الذين بلغ عددهم الخمسين , الا يتركوا أماكنهم في الجبل , قائلا لهم :" إن رأيتم خيل المشركين تحركت و انهزم أعداء الله فلا تتركوا منازلكم .
و التقى الجيشان و حملت الخيل على المسلمين ', و كانت في كل مرة ترجع مغلولة , و حمل المسلمون فأنهكوهم قتلا , و لما أبصر الرماة الخمسون ما فتح الله على إخوانهم , تركوا منازلهم التي عهد إليهم الرسول صلى الله عليه و سلم ألا يتركوها , مخالفين أوامر النبي صلى الله عليه و سلم .
و لما أبصر المشركون ما فعله الرماة توجهوا إلى الجبل و اتخذوه مكانا لرمي المسلمين .
و نادى مناد أ، قتل رسول الله , و كان قد سقط في حفرة حفرها بعض المشركين , و لما تعرف إليه كعب بن مالك صاح : يا معشر المسلمين هذا رسول الله فانهضوا .
و أما أبي بن خلف فقد بلغ به حقده ان حلف أن يقتل رسول الله صلى الله عليه و سلم , فلما دنا من رسول الله طعنه الرسول في ترقوته بحربته , فسقط ميتا دون ان يخرج منه قطرة دم.
و لما تراجع المشركون منهزمين عائدين الى مكة تفقد المسلمون قتلاهم فوجدوهم قد مُثل بهم الا حنظله بن ابي عامر الذي كان ابوه مشركا ,
وكان قتلى المسلمين ءانذاك تسعة و اربعين رجلا , و قتل من المشركين ستة عشر رجلا .